يوسف عمارة أبوسن يكتب : أفيال السلطة وأصنام الثورة

أفيال السلطة وأصنام الثورة

يوسف عمارة أبوسن

📌 لأن قحت الحاكمة ظلت تقرأ من كتاب الإستبداد الإنقاذي ، أضطرت قحت الثانية للقراءة من كتابها الذي أسقطت به نظام البشير ..

📌 من يدافع عن قحت الأولى على أساس أنها ممثل الثورة المطلق ، هو نفسه من يدافع عن المؤتمر الوطني على أساس أنه ممثل الإسلام الأوحد ..

الحراك الذي سيبدأ من اليوم وحتى 21 أكتوبر ، ليس صراعاً بين الحق والباطل ، ولا هو صراع بين الخير والشر ، وإنما هو صراع سياسي حول السلطة والنفوذ ، والتشنج في الولاء لأي من طرفي هذا الصراع يدل على قلة وعي وضياع البوصلة ، فهذه الخمسة الأيام الساخنة ليست سوى وقت لإستعراض القوة بين الطرفين تمهيدا لتسوية قادمة ، ونفس الآليات والخطوات الأربعة التي تم إسقاط نظام البشير بها يتم تفعيلها الآن :

1/ صناعة ظرف مواتي للتغيير بإفتعال الأزمات وخنق البلاد عبر حراك سياسي ومطلبي في العاصمة والولايات .

2/ إنشاء حلف مع عسكر اللجنة الأمنية وضمان ولائهم بتسوية تضمن إفلاتهم من أي عقاب وشراكتهم في السلطة ..

3/ ضمان الدعم الإقليمي والرضا الدولي .

4/ الإسقاط من الداخل بإستقطاب أجنحة النظام بتسويات تتضمن إدخالهم في النظام الجديد .

ولأن قحت الأولى بعد الحكم ظلت تقرأ من كتاب الإستبداد الإنقاذي ، أضطرت قحت الثانية للقراءة من كتاب قحت الأولى الذي أسقطت به حكم البشير ، فتشابه ظروف الساقط أدى لتطابق أدوات المُسْقِط ، فإن كان إستبداد البشير بشعارات الدين فإستبداد قحت الأولى كان بشعارات الثورة والحرية ، وكلا الشعارين مبدئيان ، لكن الإنحراف عن أي منهما يلقي بظلال سالبة على أصل الشعار .

عليه .. فمن يدافع عن قحت الأولى على أساس أنها ممثل الثورة المطلق ، هو نفسه من يدافع عن المؤتمر الوطني على أساس أنه ممثل الإسلام الأوحد ، ومن يهاجم قحت الثانية على أساس أنها تجمع الفلول والإنقلابيين وكيانات الردة هو نفسه من يرتضي (موقعها الحالي) لقحت الأولى ، وكأن الفلولية والسلوك الإنقلابي يحدده من يمارسه لا طبيعة الممارسة ، فالتحالف مع العسكر و (شراكة الدم) التي مارستها قحت الأولى في الفترة السابقة هي أمر طبيعي ، لكن إن تحول شريك العسكر منهم لآخرين فهو إنقلاب وردة نحو الفلول ، فالردة في شعارات البعض هي ليست النكوص عن الوثيقة الدستورية ولا هي تحويل الحكم لدولة بين رجال الأعمال ووكلاء السفارات والمحاور ، ولا هي تغيير نمط الإستبداد من دولة الحزب الواحد لدولة الأحزاب الأربعة ، ولا هي إحتكار مؤسسات الدولة وتغييب التشريع وتعطيل النظام الدستوري والقضائي ، ولا هي غياب مبدأ فصل السلطات .. وإنما الردة في أن يمارس هذا الأمر آخرين غير مالكي صك الثورة المخولين بتحديد ماهية الثورة واللا ثورة ..

وفي التاريخ عبرة :

بعد مذبحة الشكابة ومقتل الفاضل وبشرى أبناء الإمام المهدي ، وجهت أم كلثوم بنت الإمام عتابا شديدا لزوجها الخليفة عبد الله التعايشي وقالت له إنك خنت مبادئ الثورة ونسيت عهدك لشهداء المهدية ومجاهديها ، فرد عليها الخليفة ود تور شين فقال : هوووووي يا بت نجار المراكب .. لا أبوكي المهدي .. ولا أنا خليفتا .. كلنا جابنا شغل دنيا ساكت ..

إذن .. لا أحزاب الأربعة هي ممثل الثورة ولا منصة التأسيس هي ممثل إصلاح الثورة ، كلهم جابهم شغل دنيا .

يوسف عمارة أبوسن

16 أكتوبر 2021

Related posts