يوسف عماره أبوسن يكتب : الجيش وقحت .. تحدي الإمتحان الوطني

الجيش وقحت .. تحدي الإمتحان الوطني

يوسف عمارة أبوسن

الخطاب الإنهزامي الذي يتحدث عن عدم عدالة ومنطق وأخلاقية العمليات العسكرية الجارية على حدودنا الشرقية ، هو خطاب مبني على حجج في الغالب خارجة من مشكاة واحدة وعناصر هذا الخطاب متطابقة ما يعضد وحدة المصدر الذي يقف خلفها ، فالترويج لأن الأمر حرب بالوكالة نيابة عن مصر (التي تحتل مثلث حلايب) وتعطيلا لسد النهضة نيابة عنها وكذلك السؤال حول من المستفيد ؟ وأين حلايب ؟ ولماذا في هذا الوقت بالذات ؟ ثم عندما يكون التأمين على أن حلايب محتلة ولا تنازل عنها وأن هذا الصراع صار مفروضا على البلاد عقب عدد من الخروقات العسكرية من الطرف الآخر ونوايا التوسع الاثيوبية ، وعندما تتقدم هذه الدفوعات فإن الحجة تأخذ منحيً سياسيا لتتحدث عن رغبة العسكر في الإستفراد بالسلطة وصناعة واقع جديد عبر عسكرة الجو العام وتجييش قطاعات الشعب السوداني ، ومعلوم أن علاقة إثيوبيا أكثر عمقا وأقوى رباطا بالكون المدني الحاكم في السودان ولذلك من يسوقون المخاوف من سطوة الجيش على السلطة – والتي ستكون على حساب أحزاب قحت- فهم يفعلون ذلك لأنهم ينتمون لحاضنة غير متسقة مع (خط الدولة العام) والدولة الآن في حالة مواجهة عسكرية مباشرة مع إثيوبيا .

القائد الأعلى للجيش في الجبهة الشرقية

المدنيين في الحكومة الإنتقالية سواء على المستوى السيادي أو التنفيذي بما فيهم حمدوك نفسه ووزير الخارجية عمر قمر الدين جميعهم متنازعين بين الولاء للصديق الخارجي والإصطفاف مع (العدو) الداخلي ، ويتضح ذلك من بُعد وزارة الخارجية ووزيرها عمر قمر الدين عن الظروف الآنية وحالة الحرب التي نعيشها ، فكان الأليق أن تعكس الوزارة للعالم الجهد الدبلوماسي الذي سبق المواجهة والمخارج الممكنة عبر حسم ملف الحدود بناء على الإتفاقيات السابقة ، ومسلك الخارجية هذا يوضح أن الحكام المدنيين يجهلون طبيعة الوضع لذا يقدمون الجند التكتيكي المتعلق بالصراع حول السلطة على الأجندة الإستراتيجية المتعلقة بسيادة الدولة ومستقبلها ، هذه المعركة والإصطفاف الناتج عنها سيجهز علي منظومة قحت ويعريها من السند الداخلي إن هي أصرت على تعبئة الرأي العام والشارع ضد الجيش الأمر الذي سيؤثر على الجبهة الداخلية ويضعف من الروح المعنوية لمقاتلينا على الجبهة الشرقية ، وهدف قحت المعلن وقتها لن يكون (ضرب الجيش الوطني وإضعافه لصالح الأعداء) وإنما الستار سيكون (ضرب الجيش الحاكم الذي فض الإعتصام وأزهق أرواح المتظاهرين) وهذه كما يعلم الجميع حجج محنطة تستخدم وقت الحاجة لإبتزاز الخصم العسكري الأولى بالتفكيك في نظر المدنيين سواء كان القوات المسلحة أو الدعم السريع .

وزير الخارجية

أعود وأقول أن الوضع في الفشقة مختلف تماما عن ما هو عليه في حلايب والدولة ما زالت على موقفها من سودانية حلايب وحتمية ووجوب إستردادها سواء عبر الدبلوماسية والمفاوضات أو عسكريا ، والسودان يجدد شكواه سنويا بمحكمة العدل الدولية ، وفي نفس الوقت السودان في موضوع الفشقة قد أحاط الاتحاد الافريقي بالخروقات الإثيوبية مرارا وفي شكواه لمجلس الأمن حول سد النهضة كانت الإشارة للنزاع الحدودي القديم المتجدد بين البلدين .الآن الدولة في حالة حرب مع إثيوبيا (لا مليشيات الشفتة) ، والحرب هي آخر الخيارات لتحقيق السلام وفرض الإرادة السياسية ، واثيوبيا نقلت آلياتها العسكرية ومنظوماتها الدفاعية تجاه حدودنا الشرقية إستعدادا لحرب شاملة ، وقد عملت للتمهيد لتلك الحرب دوليا وإقليميا ومخابراتيا منذ أشهر ، وفي إطار توحيد جبهتها الداخلية وإسكات الصوت المعادي لــ آبي أحمد فإن إثيوبيا قد صعدت حربها ضد جبهة التقراي وقتلت أبرز قادتها إستعجالا لحسم الصراع الداخلي لتتوجه الدولة بكلياتها لصراع ممتد وطويل .في السودان ستكون الدولة ملزمة بإجراءات شبيهة بما تم في إثيوبيا وهذه الإجراءات ستتطلب فرض حالة الطوارئ الأمنية وإعلان التعبئة العامة ما يعني تعطيل الوثيقة الدستورية ، وسيكون أمام قحت والمدنيين خيار أن يكونوا جزءاً من إرادة الدولة .. أو الخروج المخزي من معادلة الحكم ..

يوسف عمارة أبوسن



Related posts