يوسف عمارة أبو سن يكتب ..الحزب دائما

الحزب) دائماً ..
يوسف عمارة ابوسن

للحزب الشيوعي السوداني سطوة نفسية وسياسية كبيرة علي الواقع السياسي السوداني منذ الاستقلال ، حتى صارت كلمة (الحزب) مُعرَّفة في كل الأحوال لدى قطاع كبير من الناشطين اللامنتمين سياسيا تعني (الحزب الشيوعي) ..
بدأت هذه السطوة في أوساط المثقفين في خمسينيات القرن الماضي وظلت متمكنة فيهم تمكن أدبيات (الجبهة المعادية للإستعمار) التي يمثلها الحزب والتي صارت رديفا عند المثقفين والعوام لكل رفض للظلم والتهميش ولكل إنحياز للفقراء والمقهورين ، تأرجحت سطوة الحزب طوال السبعة عقود الماضية بين صناعة الفعل وردة الفعل ضد القوي الامبريالية وضد الرسالمية الوطنية الطفيلية والعالمية المستغلة لثروات الشعوب ، وقد ظل الحزب وفيا لتلك الشعارات دافعا ثمن الثبات عليها بتضحية وصبر ..
هذه هو الحزب الشيوعي قبل أن يكون جزءا من تشكيلة الحكم بالبلاد ، فبعد ثورة يناير تحول الحزب الشيوعي لحزب حاكم بقيادته لتحالف قوي الحرية والتغيير وسيطرته على تجمع المهنيين السودانيين ، وبتجييشه للكم الهائل من المتعاطفين معه وكوادره داخل الأحزاب الأخرى والمصنفين في أدبياته بـ (أصدقاء الحزب) من الشعراء والفنانين ونجوم المجتمع ، لينتفض خارجا من عباءة المعارضة التي كرس لها نفسه وأدبياته طوال سبعة عقود من الزمن ، فالحزب يعتبر معادٍ دائم وأزلي للإمبريالية الرأسمالية التي وجد نفسه حليفا لها اليوم ، وله مواقف معلنة ضد سياسات البنك الدولي ليجد نفسه بين أن يرضخ لها أو أن يجوع الناس ، والحزب كذلك ضد التحالف مع العسكريين نظريا وشعاراتيا ليجد قادته أنفسهم على طاولة واحدة مع العسكر شركاء لهم في الحكم ، كذلك فإن الحزب الشيوعي حزب معاد للحلول الوفاقية متبنٍ للخط الثوري في التغيير ويدعو للجذرية في مواجهة المنظومات الرجعية وكل ما دون ذلك يصنفه ك(نصف ثورة) والتي تعني هلاك محقق للأمم ، لتأتي الوثيقة الدستورية متضمنة كل ما سبق وأحد أطرافها الموقعين عن التنظيمات السياسية (شيوعي) ..
لا شك أن للشيوعيين منظومة متكاملة من الشعارات الجميلة والمثيرة للإعجاب والحاشدة للهتاف لكنها في عالم السياسة لا تساوي شيئا لبعدها عن الواقعية ولإرتباطها الوثيق بسياسة الإعتراض الطفولي والعدمية الدائمة ، ف (حكم العسكر ما بتشكر .. والعسكر مأجورة ) لكن الشراكة مع العسكر تكتيك سياسي محمود أملته ضرورات المرحلة ، ومداهنة الجماهير ومسايرتها سلوك رجعي طائفي .. لكن ضرورة الكسب السياسي تحتاج سلوكا إنتهازيا بغطاء أخلاقي ، ثم إن تجديد الدماء الثورية ومواكبة المستجدات السياسية تعد أحد مرتكزات الحزب الفكرية .. لكن لا مانع من أن يكون سكرتير وأعضاء اللجنة المركزية للحزب من الشيوخ الذين لا زالوا يبحثون عن حلول القرن الواحد وعشرين في كتاب (البيان الشيوعي 1848 م ) ، كذلك لقضايا العمال وصغار المنتجين أولوية في برنامج عمل الحزب .. لكن التحالف مع مضطهديهم من الرأسمالية الطفيلية والبرجوازية الصغيرة يحفظ للحزب مقعدا بين كافة الطبقات ..
لكل هذا ولغيره يظل الحزب الشيوعي السوداني هو .. الحزب ..

Related posts