إسراء الشاهر تكتب ..الحب في زمن الأزمات، دعاية!

إسراء الشاهر

جميعنا نسمع عن العنف الأسري الذي يطال النساء العربيات والأفريقيات ، حيث تتعرض آلاف النساء للعنف اللفظي والجسدي من قِبِل أزواجهن، آبائهن وأخوانهن، حتى الغرب رّوج لهذا الفعل بأنه يصدر في الدول العربية والأفريقية، ولكن في زمن الكورونا وبعد الإغلاق التام الذي حدث في أروبا وأمريكا إرتفعت صرخات بعض النساء عالياً، وخرجن للعالم بوجوه معطوبة وأجساد واهنة ليحدثن العالم بأنهن يتعرضن للضرب والأذى بصورة يومية.
تحقيقات صحفية تم نشرها في أكبر الصُحف الأمريكية والبريطانية تخبر العالم بأن الأمم المتحدة أصدرت تقريراً يؤكد تفاقم العنف الأسري بعد كوفيد 19، الإحصائيات الحديثة والتي تم رصدها بعد الإغلاق التام مخيفة ومثيرة للقلق، حيث تؤكد تضاعف معدلات العنف الأسري ليس فقط في أروبا فقط بل في كل العالم وترجع ذلك لطبيعة الظروف العالمية حيث كلما جلس أفراد الأسرة مع بعضهم البعض كلما زادت االمشاكل.
في هذه الظروف يتعرض المسؤولون لضغط كبير، فيجب أن تكون سلامة النساء النفسية والجسدية أولوية، كالكورونا، فالرجال يعتقدون أنهم يستطيعون ممارسة التسلط ضد نسائهن أثناء هذه الجائحة والعالم منشغل بما هو أهم من تعنيف زوجاتهن، ولكن في الحقيقة هم أكثر خطورة من الفيروس.

243 مليون امرأة وفتاة تعرّضن لأشكال من االعنف الأسري والتحرش الجنسي والإساءة خلال الأشهر الماضية، وهي الأشهر التي تفشى فيها المرض، في المقابل أدى فيروس كورونا إلى مقتل ما يزيد عن 160 ألف شخص حول العالم، إذاً فالنساء اللواتي يتعرضن للعنف الأسري والذي قد يقود بعضهن للإنتحار وأخريات للمصحات النفسية وجزء كبير لأقسام الطوارئ لمعاجلة جروحن أعدادهن أكبر بكثر من ضحايا الفيروس، هذا يدل على أن بعض الرجال أخطر من الفيروس اللعين الذي يغزو الأجساد دون رحمة، هؤلاء يتركون آثاراً أكبر من آثار الفيروس على النساء وعلى المجتمع ككل، هذه الآثار تحتاج لسنوات طويلة لمعالجتها بينما يمكن للعالم أن ينجو من كورونا بمجرد إكتشاف لقاح أو بتعزيز المناعة ومنع الإختلاط.
غابرييل غارسيا ماركز وصف لنا في روايته “الحب في زمن الكوليرا” مدى توافق الأشخاص حتى في عز الأزمات والأوبئة الفتاكة، وقصة الُحب التي جمعت رجل وإمرأة منذ المراهقة حتى أعتاب الشيخوخة، في سفينة نهرية وأثناء وباء فتاك(الكوليرا)، في وسط الكاريبي، إنهال كل ذلك الحب وتُوُج رغم الخدعة التي أطلقها المُحب على السلطات بأن السفينة تحمل الوباء ليحظى بلحظات سعيدة مع محبوبته، ورغم عمره الذي تخطى السبعين، رغم كل شئ وصل الحب ذروته، ولكن يوماً بعد يوم تثبت لنا الأفعال التي يقوم بها الأشخاص على أرض الواقع أن الروايات والمسلسلات والأفلام لا علاقة لها بالواقع، رغم إصرار المؤلف دائماً بأن قصته غارقة في الواقعية.
ربما يتجاهل البعض مسألة العنف في حال تعرضت له ألف سيدة أو حتى 10 ألف ، وهذا التجاهل ليس تأيداً لهذا الفعل، بل هم على قناعة بأن العنف موجود ويمكن معالجته والتخلص منه بسرعة والتحكم فيه طالما لم يحدث لأعداد كبيرة، ولكن عندما يصل لهذا العدد الهائل 243 إمرأة، أي 243 أسرة، وهذا يعني أن ملايين الأطفال يعيشون في بيئة غير صحية، هنا يجب التدخل.
ملايين السيدات الآن يُفضّلن الموت بفيروس كورونا بدلاً عن العنف الذي يطالهن يومياً.
يا له من أمر شنيع!

Related posts